30‏/07‏/2013

وما أدراك ما ليلة القدر ؟

من فضائل العشر الأواخر من رمضان أنه يُتعرض فيها لوجدان ليلة القدر وما ادراك ما ليلةُ القدر ؟ من قامها ايمانا واحتسابا لله تعالى كان قيامُه خيرا من قيام ألف شهر ليس فيها ليلةُ القدر ، فهي خيرٌ من قيام ألف شهر في بركتها وما يفيض فيها المولى الكريم على عباده من الرحمة والغفران وإجابةِ الدعاء وقبولِ الأعمال والعتقِ من النيران روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر ايماما واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) وقد انزل الله في فضل هذه الليلة سورة ً كاملة سماها سورةَ القدر ذكر فيها بعضا من وقائع هذه الليلة المباركة فقال تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) وذكرها الله في أوائل سورة الدخان فقال عز من قائل :( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ*رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) . يقول السعدي في قوله تعالى يفرق :( أي يُفَصِلُ ويميز ويكتب كلَ أمرٍ قدري وشرعي حكم الله به ....ويقدر الله في ليلة القدر ما يكون في السنة القادمة ) إهـ وقد حث صلى الله عليه وسلم الصحابةَ رضوان الله عليهم أجمعين بطلبها وتحريها بالوتر من العشر الأواخر ففي الحديث الصحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) . وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الامام البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( تَحَرَوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) وفي سنن ابن ماجة 1766 ( صحيح ) في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر ) . وفي ليلة القدر – أيها الموحدون – تهبط الملائكةُ إلى الأرض وتكون أكثرَ من الحصى روى ابن خزيمة في الحديث الحسن أن النبي قال:( إن الملائكةَ تلك الليلة في الأرض أكثرُ من عددِ الحصى ) ويُروى أنه إذا كانت ليلة ُ القدر نزل جبريل عليه السلام في كبكبة من الملائكة (أي جماعة) يصلون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل) رواه البيهقي في شعب الإيمان ويسن لمن أقامها أن يكثر من الدعاء بقوله ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) فعن عائشة في الحديث الصحيح أنها قالت:( يا رسول الله أرأيتَ إن وافقتُ ليلة القدر ما أدعو قال تقولين:اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) وفي رواية ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني) ومن صفات ليلة القدر أنها : لا حارةٌ ولا باردة ، ( واضحةٌ صافية مشرقة منيرة – معنى بلجة -) تُصْبِحُ الشمسُ يومَها حمراءَ ضعيفة لا شعاءَ لها . فقد روى الامامُ ابنُ خزيمة في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله e (إني كنتُ أُريتُ ليلةَ القدر ثم نُسِيْتُها وهي في العشر الأواخر من ليلتها وهي : ليلة طَلِقةٌ بَلِجَةٌ لا حارة ٌولا باردة وزاد الزيادي كأن فيها قمرا يَفضحُ كواكبها . وقالا : لا يخرج شيطانها حتى يضيئَ فجرُها ) صحيح لشواهده صحيح ابن خزيمة 2190 وعن عِكرمة عن ابن ِعباس عن النبي e في ليلة القدر : ( ليلة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومَها حمراءَ ضعيفة)صحيح ابن خزيمة 2192 وهو صحيح لشواهده. وفي الحديث الصحيح أيضا : ( صبيحةُ ليلةِ القدر تَطْلُعُ الشمسُ لا شعاعَ لها كأنها طَسْتٌ حتى ترتفع) صحيح الجامع الصغير المجلد الثاني 3754 ( صحيح ) ( طَسْتٌ : هو إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه يغسل فيه . انظر المعجم الوسيط 2/557)

سنة الاعتكاف في العشر الأواخر

كان صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بالاعتكاف في المسجد تفرغا لعبادة ربه وتحريا لليلة القدر فعن عائشة في الحديث الصحيح الذي يرويه الامام الترمذي قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) وقولها يجاور يعني يعتكف . وفي سنن أبي داود في الحديث الصحيح عنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ). وقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا على الاعتكاف فعند ابن ماجة ( كان إذا كان مقيما اعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين ) والاعتكاف سنة في رمضان وغيره من أيام السنة ، والأصل في ذلك قوله تعالى: ( وأنتم عاكفون في المساجد ) ، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه صلى الله عليه وسلم ، وتواتر الآثار عن السلف بذلك ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف آخر العشر من شوال كما عند الشيخين وآكَدُه في رمضان لحديث أبي هريرة الذي يرويه الامام البخاري: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبِضَ فيه اعتكف عشرين يوماً) وأفضله آخر رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل وقالت السيدة عائشة: ( السنة في المعتكف أن لا يخرجَ إلا لحاجته التي لا بد له منها ، ولا يعودَ مريضاً ، ولا يمسَ أمراتَه ، ولا يباشرَها ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم ) رواه البيهقي بسند صحيح ، وأبو داود بسند حسن . وينبغي أن يكون مسجداً جامعاً لكي لا يضطر للخروج منه لصلاة الجمعة ، فإن الخروج لها واجب عليه ، لقول عائشة في رواية عنها في حديثها: ( . . . ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع ) . وللمعتكف أن يضع فراشَه في المسجد ، لما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اعتكف طُرحَ له فراش ،رواه ابن ماجه والبيهقي وإسناده قريب من الحسن . ويجوز اعتكاف النساء أيضاً ، بشريطة موافقة أوليائهن بذلك ، وأمن الفتنة وأمن الخلوة مع الرجال ؛ للأدلة الكثيرة في ذلك .

وجاء الثلث الأخير من رمضان

المستقرئُ لتاريخ الأمم ، والمتأملُ في سجل الحضارات ، يُدرك أن كلاً منها يعيش تقلباتٍ وتغيرات، ويواكبُ بداياتٍ ونهايات، وهكذا الليالي والأيامُ والشهورُ والأعوام، وتلك سننٌ لا تتغير، ونواميسُ لا تتبدل: )يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ( [النور:44]. وها نحن اليوم في بداية العشر الأواخر من رمضان وكان نبيُكم صلى الله عليه وسلم يعظمُ هذا العشر ويجتهدُ فيها ما لا يجتهد في غيرها ، أخرج الامام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) . فقد كان هديُه صلى الله عليه وسلم أن يخلط العشرين الأوائل بصلاة ونوم فإذا دخل العشرُ الأواخر شد مئزرَه و أحيا ليله و أيقظ أهله . نعم كان يفعلُ ذلك وهو الذي غَفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر الذي هو اتقى الناس واخشاهم لله ، لعمري فكيف بنا نحن المفرطون المذنبون خرج الامام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر ) . فلنغتنم هذه الليالي والأيام بطاعة الله واتباع سنة حبيبكم صلى الله عليه وسلم نوّروا هذه الليالي بالقيام والتذلل إلى العزيز الرحمن واختموها بالتوبة والاستغفار ...............وسألوا اللهَ العفوَ والعتقَ من النار .

21‏/07‏/2013

لا قضاء على الحامل والمرضع

الحمدُ لله اللطيفِ الرؤوفِ المَنَّانِ ، أحْمَدُه على الصفاتِ الكاملةِ الحِسَان، وأشكرُه على نِعَمِهِ السَّابغةِ وبَالشَّكرِ يزيد العطاء والامْتِنَان، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحْدَه لا شريكَ له المَلِكُ الدَّيَّان، وأشهد أنَّ محمداً عَبْدُهُ ورسولُهُ المبعوثُ إلى الإِنس والجان، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعينَ لهم بإحسان ما توالت الأزمان، وسلَّم تسليماً كثيرا وبعد : كثيرا ما نُسْأل – في هذه الأيام - عن النساء الحوامل والمرضعات ، هل يجب عليهن الصيام ؟ وهل تقضي إحداهن ما عليها ؟ وهل تقترن الفدية مع القضاء ؟ أم قضاء فقط ؟ أم عليها فدية من غير قضاء ؟ . وللإجابة عن تلك التساؤلات أقول وبالله التوفيق : المرأة الحامل وكذا المرضع ، لها حالتان مع رمضان هما كما يلي : الحالة الأولى : استطاعة الحامل والمرضع الصيام من غير مشقة ولا ضرر يذكر عليها وعلى جنينها إن كانت حامل أو رضيعها إن كانت مرضع . ففي هذه الحالة لا يحق لها الإفطار في نهار رمضان البتة . الحالة الثانية : عدم استطاعتها الصيام ، أو خوفها على نفسها أو على جنينها وكذا رضيعها – ويقدر ذلك بقدره وبنصائح الطبيبة المسلة التقية – . ففي هذه الحالة جاز لها الإفطار - وقد يصل لمرحلة الوجوب – وحينئذ وجبت الفدية ولا قضاء عليها. والفدية هي : إطعام مسكين مكان كل يوم أفطرت فيه . أما الأدلة على وجوب الفدية وعدم وجوب القضاء فهي كما يلي : روى الإمام أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه بسند صحيح عن أَنسِ بن مالكٍ – وهو رجلٌ من بني عَبدِ الله بن كعبٍ ، و ليس أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم- قَال َ: (أَغارتْ عَلَينَا خيلُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فأَتيتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجدتُهُ يتغدَّى ، فَقَال َ: (ادنُ فكُلْ). فقلتُ : إِنِّي صائمٌ . فَقَالَ: (إذنُ أُحدِّثكَ عن الصَّومِ أَو الصِّيَام ِ: إِنَّ الله وَضَعَ عن المسافرِ شطرَ الصَّلاةِ ، وعن الحاملِ أَو المرضعِ الصَّومَ أَو الصِّيَامَ) . والله لقد قَالَهُمَا النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كليهما أَو أَحدهما، فيا لَهُفَ نفسي أَنْ لا أَكُونَ طَعِمتُ من طعامِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ). مع أن جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة - رحمهم الله تعالى- يُلحقان الحامل إذا خافت على ما في بطنها والمرضع إذا خافت على رضيعها بالمريض ؛ وحينئذ يجب عليهما ما يجب على المريض من القضاء . إلا أنني لا أميل لهذا الرأي ؛ إذ إن هناك روايات عدة عن الصحابة رضوان الله عليهم صرحوا بوجوب الفدية فقط مع اسقاطهم للقضاء ؛ ومعلوم أن كلام الصحابي مقدم على كلام من بعده لأمرين : أولهما : لاحتمالية سماع ما صرح به عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وبالتالي يأخذ حكم المرفوع . وثانيهما : وإلا فلا يعدو تصريحه فهم ذاتي منه ، ذلك من خلال : فحوى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو بين أظهرهم حينذاك ، وهم أعلم الخلق بخطابه صلى الله وسلم عليه وطريقة تعبيره ومقاصدها ، وإما من خلال فهم الصحابي نفسه لروح الشريعة ومعرفة مقاصدها ؛ وبالتالي يكون فهمه مقدما على جميع الأفهام في الطبقات الأخرى من بعده. قلتُ : هناك روايات لعدد من الصحابة رضوان الله عليهم تدل أن المقصود من الحديث سقوط الصيام بالكلية ولا قضاء بل فدية ، من ذلك : 1 . ما أخرجه الطبري بسند صحيح على شرط مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ( إذا خافت الحامل على نفسها ، والمرضع على ولدها في رمضان قال : يفطران ، ويطعمان مكان كل يوم مسكيناً ، ولا يقضيان صوماً) أخرجه الطبري (3/ 427) وقال شيخنا الألباني في الإرواء : ( إسناده صحيح على شرط مسلم ) انظر الإرواء : (4/19) 2. وقد روى الصحابي سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا قال : ( الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي ) رواه الدارقطني في سننه : (2/ 207) برقم : ( 11) وقال : (وهذا صحيح ) . 3. وقد أخبر نافع عن ابن عمر أيضاً بسند جيد : ( أن امرأته سألته وهي حبلى ، فقال : أفطري وأطعمي عن كل يوم مسكينا ، ولا تقضى ) . رواه الدارقطني من طريق أيوب عن نافع : 2/ 207 ، برقم : 14. قال شيخنا في الإرواء : ( إسناده جيد). 4. وقال نافع : ( كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش ، وكانت حاملا فأصابها عطش في رمضان ؛ فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا ) . رواه الدارقطني من طريق عبيد الله عن نافع : 2/ 207 ، برقم : 15. قال شيخنا في الإرواء : ( إسناده جيد). 5. وأخرج الطبري بسند صحيح على شرط مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه : (أنه رَأى أمَّ ولدٍ له حاملا أو مُرضعًا، فقال: أنت بمنزلة الذي لا يُطيقه ، عليك أن تطعمي مكانَ كل يوم مسكينا، ولا قَضَاء عليك) . تفسير الطبري: 3/ 428 . 6. وقد روى الدارقطني في سننه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس– أيضاً- رضي الله عنه : أنه رَأى أمَّ ولدٍ له حاملا أو مُرضعًا، فقال : ( أنتِ من الذين لا يطيقون الصيام عليك الجزاء وليس عليك القضاء ) سنن الدارقطني : 2/ 206 ، برقم : 8 ، وقال : ( إسناده صحيح ) . 7. وقد قال قتادة : ( ذُكر لنا أن ابن عباس قال لأم ولد له حبلى أو مرضع: "أنتِ بمنزلة الذين لا يطيقونه ، عليك الفداءُ ولا صومَ عليك. هذا إذا خافت على نفسها" ). أخرج الطبري بسند صحيح على شرط مسلم : 3/ 429. 8. وعن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله :"وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين"، يقول : (من لم يطق الصوم إلا على جَهد ، فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا : · والحاملُ · والمرضعُ · والشيخُ الكبيرُ · والذي به سُقمٌ دائم ) . أخرجه الطبري : (3/ 432). 9. وعن عثمان بن الأسود قال : (سألتُ مجاهدًا عن امرأة لي وافقَ تاسعها شهرَ رَمضان ، ووافق حرًّا شديدًا ، فأمرني أن تُفطر وتُطعم. قال : وقال مجاهد : وتلك الرخصة أيضًا في المسافر والمريض ، فإن الله يقول :"وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين") أخرجه الطبري : (3/ 432). 10. وعن السدي قال : ( "وَعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين" ، قال : أما الذين يطيقونه : · فالرجل كان يطيقه وقد صام قَبل ذلك ، ثم يعرض له الوَجع أو العطش أو المرض الطويل . · أو المرأة المرضعُ لا تستطيع أن تصوم . فإن أولئك عليهم مكانَ كل يوم إطعام مسكين ، فإن أطعم مسكينًا فهو خيرٌ له ، ومن تكلف الصيام فصامه فهو خيرٌ له). أخرجه الطبري : (3/ 427). 11. عن سعيد بن المسيب أنه قال في قوله تعالى :"فديةٌ طعامُ مسكين"، قال : (هو : · الكبير الذي كان يصوم فكبر وعجز عنه . · وهي الحامل التي ليس عليها الصيام. فعلى كل واحد منهما طعامُ مسكين : مُدٌّ من حنطة لكلّ يوم حتى يمضيَ رَمضان) . أخرجه الطبري : (3/ 429). هذا والله تعالى أعلم

14‏/07‏/2013

هلُمَّ إلى الغداء المبارك

هلُمَّ إلى الغداء المبارك هناك سنة رمضانية تساهل بها كثير من الأسر والأفراد ، ألا وهي : الــسحــور . فإن كثيرا من الصائمين يؤثرون النوم على السحور ، ويتكاسلون للقيام إليه ، بحجة عدم الاحتياج له ، وهذا مخالف لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث حث صلى الله عليه وسلم على السحور وبين ضرورته ولو لم يجد أحدنا سوى الماء ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تسحروا ولو بجَرعة من ماء ) صححه شيخنا في صحيح الترغيب والترهيب برقم : 1058 . وبين صلى الله عليه وسلم أن فيه بركة ولو لم يكن محتاجا له الصائم ، فقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الشيخان : (تسحروا فإن في السُحور بركة ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ( البركة في ثلاثة : في الجماعة ، والثريد ، والسحور ) صححه شيخنا في صحيح الترغيب والترهيب برقم : 1052. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على عدم ترك السحور ، فعن عبد الله بن الحارث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : دخلتُ على النَّبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم وهو يتسحَّر ، فقَالَ : ( إنَّها بركةٌ أعطاكُمُ اللهُ إيَّاها ؛ فلا تَدَعُوهُ ) أخرجه النسائي وهو صحيح ومن ترك التسحر فقد تشبه باليهود والنصارى ففي حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي يرويه الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فَصْلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكْلُة السَّحَر). وقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو بعض أصحابه عليه ، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : ( دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان ، فقال : "هلُمَّ إلى الغداء المبارك" . صححه شيخنا في صحيح الترغيب والترهيب برقم : 1054. وبلغ من فضل السحور أن الله يرحم المتسحرين و الملائكة يدعون لهم ، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) صححه شيخنا في صحيح الترغيب والترهيب برقم : 1053. وقد فضل النبي صلى الله عليه وسلم السحور بالتمر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( نعم سحور المؤمن التمر ) صححه شيخنا في صحيح الترغيب والترهيب برقم : 1059. ويسن لنا أن نؤخر السحور إلى ما قبل الفجر بفترة قصيرة حيث يستطيع أحدُنا قراءة خمسين آية تقريبا ، هذا فعل نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فعن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت قال في الحديث الصحيح الذي أخرجه النسائي وأصله عند مسلم قال : ( تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم قمنا إلى الصلاة قلتُ كم كان بينهما قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية ) وعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت : إن بلالا كان يؤذن بليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ) قال القاسم : ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا. رواه الشيخان . وعن الأعمش عن مسلم قال : ( لم يكونوا يعدون الفجر فجركم ، إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق ) . وعن معمر أنه : كان يؤخر السحور جدا ، حتى يقول الجاهل : لا صوم له. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . الدكتور أنس العمايرة دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الأردن - عَمان

06‏/07‏/2013

كيف نستقبل رمضان ودولنا مجروحة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[(1). ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[(2).]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[(3). أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد e، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد: أيها المسلمون نستعد هذه الأيام لاستقبال شهر رمضان المبارك ، هذا الموسمِ السنوي ، الذي جعله الله جل وعلا موسما للطاعة والعبادة ، وفرصة ً لاغتنام الأجر والثواب ، فضاعف فيه الأجرَ والثوابَ ؛ ترغيبا بالتزود للآخرة والإقبال على الله جل وعلا ، ((فكيف نستقبل رمضان؟ )) علينا أن نستقبل رمضان بأمور عدة أولها : * الإخلاص وتجديد التوبة لله : ينبغي علينا يا عباد الله أن نجعل من رمضان حاجزا بيننا وبين المعاصي ، ونجعلَ منه صفحةً جديدة بيضاء ناصعة . فالإخلاص أيها الأحبة وسلامة النية هي معيارُ العمل فضلا عن المتابعة ، فإذا سَلمتْ النية وأخلصَ الإنسانُ كان العمل مقبولا منه ، وإذا فسدت النية وتهزهز الإخلاص كان العمل هباءً منشورا ، فقد روى أبو خزيمة في صحيحه في الحديث الصحيح عن أبى سعيد الخدري أن النبي e قال:(ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله ابتغاء وجه الله إلا باعد الله عن وجهه وبين النار سبعين خريفا ) ثم التوبةَ التوبةَ أيها الأحبة فعلينا تجديدُ توبتِنا لله سبحانه وتعالى في هذا الشهر العظيم. ثم إن الإخلاص والتوبة تقودانُك أيها العبد المؤمن إلى الغايةِ الرئيسية من الصيام ألآ وهي ( التقوى ) فتلكم غاية الصوم وحكمته البالغة ، ولعل هذا السبب في أن الصوم كان لله دون غيره من العبادات حيث قال الله ( الصيام لي وأنا أجزئ به) كما عند الشيخان . *ثانيا : علينا بالصبر ، فإن هذا الشهر شهر الصبر ، فيه يتعلم المسلم هذا الخلق العظيم ، وما أحوجَنا أن نتعلم هذا الخلق ، وان نتحلى به ، وان نجاهد النفس لأجله ، فالمسلم بحاجة إلى الصبر على الطاعة وعلى المعصية وعند المحن والمصائب وقد روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه قال : ( الصبر صبران : صبر عن المعصية حسن ، وأحسن منه الصبر عن محارم الله ) . *ثالثا:وعلينا أن نترك النميمة وكلَ مسببات بطلان العمل ، فإن هناك رجالا ونساءً ليصومون عن الحلال ويفطرون على الحرام والعياذ بالله . *رابعا: وعلينا ترك الزور ؛ خرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي قال : ( من لم يدع قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ أن يدع طعامه وشرابه) *خامسا : ولا ننسى أيها الأحبة أن القرآن الكريم بعد أن تحدث عن أحكام الصوم بعدة آيات متوالية أعقبها بقوله:(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:188) ليذكرَنا ربُنا سبحانه انه كما حرم علينا أكلَ الطعام والشراب والجماع في نهار رمضان فقد حرم علينا أكلا ً من نوع آخر ألا وهو أكل أموال الناس بالباطل . *سادسا : ثم علينا بالسُحور فإن النبي e امرنا به معاشر المسلمين فقال فيما يرويه مسلم (تسحروا فإن في السُحور بركة ) ويسن لنا أن نؤخر السحور إلى ما قبل الفجر بفترة قصيرة حيث يستطيع أحدُنا قراءة خمسين آية تقريبا ، هذا فعل نبيكم ، فعن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت قال في الحديث الصحيح الذي أخرجه النسائي وأصله عند مسلم قال : ( تسحرنا مع رسول الله: ثم قمنا إلى الصلاة قلتُ كم كان بينهما قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية ) والملاحظ على بعض الأسر والأفراد أنهم يؤثرون النوم على السحور ويتكاسلون للقيام إليه وبذلك فهم لا يتشبهون إلا باليهود والنصارى ففي حديث عمرو بن العاص الذي يرويه الإمام مسلم أن رسول الله قال : ( فَضْلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكْلُة السُحَر) مسلم *سابعا : وينبغي علينا أيضا أن نعجل الفُطور فعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله فيما يرويه الإمام مسلم أيضا : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفِطر) وعن أبي هريرة في حديثٍ حسن صحيح عند ابن ماجة (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفِطر فإن اليهود يؤخرون) ولكن بعضَ المسلمين فهموا هذا الحديث فهما خاطئا فيؤثرون الطعام على صلاة المغرب جماعة في المسجد ، فيفطرون فطورا كاملا في بيوتهم ثم يقومون وهم يتمايلون ليصلوا فرادا ، وهذا أيها الأحبة خلاف السنة ، فإن السنة أن تعجل في إنهاء الصوم وكسره ، أي أن تأكل رطبا أو تمرا أو تشرب ماءً أو لبنا ، أو غيرَ ذلك إن لم يتوفر ما ذكرناه على الترتيب ، ثم تأتي المسجد فتؤدي فريضة المغرب جماعة ثم تعود إلى البيت فتكمل إقطارك . *ثامنا : وعلينا أن نعود أولادنا ذكورا وإناثا على الصيام إذا كانوا يطيقونه ؛ فإن الصحابة كانوا يُصّومون أولادهم وهم صغار ، حتى كان الصبي ربما يبكي من الجوع فيعطونه لعبة يتلهى بها ، فإن طاقوا ذلك فَحَسن ، ولكم إن شاء الله اجرُ التأديب والتوجيه . وعليكم أن تتحروا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان ولا تصوموا يوم الشك فمن صامه فقد عصى أبا القاسم ، ولا يصومنّ احدكم تطوعا قبل رمضان بيوم او يومين ، هذا والله اعلم ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم من فقهه وعلمه وسنة نبيه الكريم ((أقول ما تسمعون واستغفر الله)) الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وبعد : ما أحوجنا أيها المسلمون ونحن نستقبل شهر الرحمةِ والتضامنِ والجودِ والبذلِ والعطاء أن نستشعر بمصاب المسلمين في شتى بقاع المعمورة ، وإن الغيورَ ليتساءلُ بحرقة وأسى: بأي حالٍ يستقبلُ إخوانُنا المسلمون في الأرض المباركة " فلسطين" شهرَ رمضانَ المبارك، وهم يواجهون العدوان اليهودي الغاشم ضد مقدسات الأمة ومقدراتها هناك؟! بأي حال يستقبل إخواننا في العقيدة على ثرى دمشق وحمص وحما وحلب ودرعا والقصير الجريحة شهرَ رمضانَ المبارك وهم يواجهون المثلث الشيعي الرافضي العلوي، بأي حال يستقبل أبناء جلدتنا في القاهرة والإسكندرية وليبيا وتونس واليمن وفي بقاعٍ كثيرة من العالم هذا الشهر الكريم؟!...... إني تـذكرت والذكـرى مؤرقـة * مجـداً تليداً بأيديـنا أضعـناه أنّى اتجهت إلى الإسلام في بـلـد * تجده كالطير مقصـوصاً جناحاه كم صرّفـتنا يـدٌ كنا نـُصـرّفـهـا * وبات يحكمنا شعب ملكناه العقل الصهيوني باليد الأمريكية هما المخططان في المنطقة العربية . ما جرى في مصر ليس انقلاب عسكري إنما هو انقلاب يهودي أمريكي مخطط له مدروس .. حيث فوجئ اليهود والأمريكان بقوة التيار الإسلامي وفوجئوا بنجاح مرسي ، ورأوا -وهم الشياطين في التخطيط- أن من غير المناسب لهم مواجهة التيار الإسلامي الثائر القوي ، فاضطروا إلى الاعتراف بالنتيجة . وتسلم مرسي رئاسة الجمهورية. وجلس شياطين اليهود والأمريكان في "أوكارهم" يخططون لإفشال هذه التجربة الإسلامية في مصر ، كما قمعوها في الضفة الغربية ، واستغرق تخطيطهم سنة كاملة من المكائر والمؤامرات!! بمعنى أنهم أحنوا رؤوسهم للعاصفة الإسلامية ،وعملوا على مواجهتها بدهاء الشياطين ، ووضعوا العصي في عجلة عمل مرسي ، وعطلوا عمله ، وواجهوه بالمشكلات والمعوقات اليومية ، ولم يستطع الرجل "المسكين" التقاط أنفاسه لحكمة يريدا الله ، وواجهوه بطوفان يومي من المشكلات... وخططوا للقضاء على تجربة مصر الإسلامية ، واشترك الثالوث الشيطاني في تنفيذ المخطط "الإرهابي" ، وقوى هذا الثالوث هي : العقلية اليهودية الشيطانية ، والذراع الأمريكي الآمر ، والخونة والعملاء و الأذناب والعلمانيون في مصر المنفذون، فجندوا المرتزقة الأغبياء السذج ، فحدث ما حدث. واليهود يخططون بمكر شيطاني خبيث دائما، ويجدون أغبياء ينفذون مخططاتهم بغباء عجيب من جلدتنا ؛ لذا نجحوا في نقل ميدان المواجهة والمعركة من عندهم ، وتوجيهها إلى ميدان آخر ، ومُنحوا بذلك الأمان ـ المؤقت ـ . لقد نجحوا في جعل المعركة في مصر بين العلمانيين والإسلاميين وفي الشام بين السنة و"الرافضة" يشنون الحرب على أهل السنة ، ويجعلونها حرباً "طائفية" تأكل كل شيء ، و الشياطين اليهود ينظرون على هذه النار "المجوسية" التي تحرق الشام ، ومرشحة لأن تحرق العراق والخليج واليمن وغيرها.. لقد أعلنها الرافضة حرباً شاملة على جماهير أهل السنة ، وهي مرشحة لأن تستمر سنوات..هؤلاء الشيعة يحاربوننا نيابة عن اليهود ، وأهل السنة دخلوا هذه الحرب مكرهين . كله من أجل تحقيق المخطط اليهودي الأمريكي للمنطقة الآ وهو "تفتيت" الدول العربية القائمة المحيطة بالكيان اليهودي على أرض فلسطين ، وتقسيم الدولة إلى دول ، وإعادة "ملوك الطوائف" الذين كانوا في الأندلس قبل إخراج المسلمين منها ، حيث كانت كل مدينة "مملكة" مستقلة تحارب المملكة الأخرى . هذا المخطط الشيطاني يعمل على تفتيت وتقسيم العراق ، وهي مقسمة عملياً إلى ثلاثة كيانات ، وها هم أهل السنة سيقيمون دولتهم في غرب العراق ، وسوريا مقسمة عملياً ، وينتظرون إعلان دولها ، ولبنان مقسمة فعلياً ، ويعملون على تقسيم مصر والسعودية واليمن !! وهذه الدول العربية الوليدة ستعيش في "الحضانة" الأمريكية وتحت الحماية "اليهودية" والمشكلة أن الذين ينفذون هذا المخطط الشيطاني هم أغبياء وسذج وعلمانيون وخونة من جلدتنا !! الكثير لا يفهمون حقيقة هذه المعركة الحادة ، ولا يعرفون طبيعتها ، ولا يعرفون هوية أطرافها ، مع أنها معركة خطيرة لها ما بعدها ، ليس على مصر وحدها ولا على سوريا وحدها ، ولكن على عالمنا الإسلامي كله . ومما يجب علينا في شهر رمضان شكرُ نعمةِ الله على ما نعيشه من أمنٍ وأمان في هذا البلد ، وعلينا أن ندعوا الله أن يبقي علينا هذا المن الذي ننعم به . ثم علينا أن نقدم لإخواننا المسلمين المضطهدين في دينهم في كل مكان، ما نستطيعه من دعاءٍ وبذل وعطاء ، كيف لا وقد حلَّ فينا شهر الخير والبركة، وهو شهر الجود والبذل والعطاء، فلنتحسس إخوانَنا المحتاجين من قريبٍ وبعيد ، فنمدُ لهم يد العون والمساعدة .

11‏/02‏/2013

"عيد الحب الفلنتاين "



خطبة جمعة 
عيد الحب 

للشيخ الدكتور أنس العمايرة

ألقيت في مسجد المنصور في حي الشميساني من العاصمة عمان مقابل السفارة المغربية بتاريخ (14/9/2007م)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ [سورة آل عمران:102].
]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[ [سورة النساء:1].
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[ [سورة الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، ثم أما بعد :

يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، وباعا بباع ، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب دخلتم ، وحتى لو أن أحدهم ضاجع أمه بالطريق لفعلتم ) أيها الأخوة الكرام عاش بعض أبناء الأمة المحمدية بعضُ شباب هذه الصحوة  حماةُ الدين وحراسُ الملة عاشوا في الأسبوع  المنصرم يوما من أهم الأيام عندهم أتدرون ما هو ؟يوما يسمونه "عيد الفلنتاين" وما أدراك ما عيد الفلنتاين . إن المتأمل في أحوال شبابِنا المعاصر بل في أحوال المسلمين يجدهمُ يعيشون اليوم في حالة مرضية عجيبة لم تكن في أسلافهم ، إن بعض المسلمين لم يزل في غيبوبة  تامة والبعضَ الآخر لم يستفقْ الاستفاقة الكاملة فما زال يترنحُ من هول الصدمات ويكبوا من كثرة العثرات ويعيشُ بين الفجر الكاذب والصادق ؛ ولكي تصحوَا هذه الفئةُ الصحوةَ التامة وتسيرَ على المنهج الرباني المستقيم لا بد لها بعد تقوى الله من الاتباعِ المنهجي لا الابتداع ، والتمسك ِ بدينها وعدمِ الالتفات إلى ما هو مستورد من الأفكار والمبادئ والمنكرات والمحرمات التي يروج لها العلمانيون وأعداءُ هذا الدين ليغووا أبناء وبنات هذه الأمةِ المحمدية ويُغرقوهم في محيطات الضلالة وبحارِ الفجور وأنهارِ العار والخزي .  على هذه الأمةِ التثبتُ والتبينُ قبل المسير وإعمالُ العقل والبصيرة قبل العاطفة والحماس ، والتأني والتفكرُ قبل التسرع ؛ حتى لا يتكررَ السقوط ولا تندم ولات حين مندم .
ما زلتُ أيها الأحبة الكرام لا أدري سببَ تأثر بعض المسلمين بعادات الغرب ومنهجهم في الحياة رغم أننا نحن أمة ُ الإسلام عندنا أعظمُ منهج وأنبلُ قيم وأرقى أخلاقٍ وأكرمُ معلم وأشملُ دستور ٍ نستطيع من خلاله أن نُسَيَّرَ حياتَنا بل حياة َالعالم كلِه . ولكن صدق القائل عندما قال :
قد تُنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد//وقد ينكر الفمُ طعمَ الماء من سقم
لا شك أن ريح المسك ينكره // من تعود شمَ الثومِ والبصل
لقد تمت سفقةٌ تجارية بيننا نحن المسلمون وبين أوروبا وكان لهم نصيبُ الأسد في هذه المقايضة حيث استوردوا من عندنا الأخلاقَ الإسلامية الحميدة وحسنَ التعامل والرأفةَ والرحمةَ ، بينما استوردنا نحن من عندِهم عاداتِهم وتقاليدَهم وفلسفتَهم في الحياة بحجة التطور ومواكبة العصر تاركين وراء ظهورنا العاداتِ الاسلامية الكريمة وصدق صلى الله عليه وسلم عندما قال : (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن) رواه البخاري وفي رواية أخرى لابن عباس قال صلى الله عليه وسلم : ( لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم و حتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه ) والحديث صحيح (صحيح الجامع الصغير) وفي رواية أخرى (حتى لو أن أحدهم ضاجع أمه بالطريق لفعلتم ) صدق رسول لله صلى الله عليه وسلم (الصحيحة )
من هذه العاداتِ التي تم استورادُها (عيد الفلنتاين ) الذي صادف يومَ الثلاثاء الماضي ، ما هو عيد الفلنتاين ومن أين أتانا ، إن هذا العيد وغيرَه من الأعياد مستوردة لا تمد للإسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد ، وبكل صراحة  استطاع الغرب أن يدخلونا بسربهم الضال المتجةِ الى ظلمات بعضها فوق بعض . عيد الفلنتاين هو عيد العشاق هو عيد الحب ولكن حب مَن هل هو حب الله حب نبيه حب المؤمنين حب الصالحين ؟ إنه حبُ الخلاعةِ والمجونِ والفجورِ ،  إنه حب الأشقياء إنه حب اللاهين عن ذكر الله ومنهج الله إنه حب المخدوعين بالحضارة الغربية المعاصرة، إنه حب المشوشين في الفكر والسلوك إنه حب الغافلين عن حقيقة هذا الدين وتعاليمِه العظيمة .
يومُ الفلنتاين يجتمع فيه أبناء المسلمين ببنات المسلمين بعرض المسلمين بشرف المسلمين يتبادلون كلماتِ الحب والغرام والعشق والفجور والفسق بحجة (الحب البريء) يتبادلون بينهم الورودَ الحمراء التي بلغ ثمن الوردة الواحدة خمسةُ دنانير وعشرةُ دنانير في المناطق الشعبية أما في غيرها من المناطق فضمة الورد بل الوردة بخمسين دينارا ، فقد استغل التجار هذا اليوم استغلالا لا مثيل له  . في عيد الفلنتاين يلبس (الحبيبة ) ثيابا حمراء سألت أحدَهم ما السرُ في ذلك اللون أجاب قائلا : هو تعبير عن اندماج القلبين وتعبير عن تضحية الحبيب لمحبوبته وتضحية المحبوبة لمحبوبها . ولا حولة ولا قوة إلا بالله . 

أبناء من هؤلاء أليسوا أبناءنا؟أليسوا أبناء المسلمين/ وأعراض من هؤلاء الفتيات اللواتي يخرجن مع الشباب ويتسكعن في الشوارع ؟ كم من فتاة يظن أبوها أنها في المدرسة وهي مع صديقها في المتنزهات والحدائق والمطاعم والكفي شبات .هل تابعنا أبناءنا وبناتنا هل تفقدنا أحوالهم هل تتبعنا حركاتهم وسكناتهم؟ 
ما هي أسباب هذه الظاهرة ظاهرة الفلنتاين وغيرها من ظواهر السوء التي تشبث بها أبناؤنا :
إذا عرفنا الداء وكان السعيُ صادقا لتناول الدواء ؛ شُفينا بإذن الله تعالى من أمراضنا ... وعندئذ ينصرنا الله ويمكننا ؛ فإن نصرهَ سبحانه مشروطٌ بالصحة والعافية ( إن تنصروا الله ينصركم ) . 

السبب الأول : ضعفُ التربية الإسلامية لدى النشء 

وهذا يقع على عاتق أولياء الأمور ؛ إذ أن على الآباء  والأمهات مسؤولية َربطِ أبنائهم منذ الصغر بأصول الإيمان وتعويدِهم منذ تفَهمِهم أركانِ الاسلام وتعليمِهم من حين تمييزهم مبادئ ِ الشريعةِ الغراء ؛ حتى ينتشئوا على الإسلام عقيدة ً وعبادة ، ويتصلوا به منهجا ونظاما فلا يعرفون سوى الإسلامِ دينا والقرآنِ دستورا والنبي ِصلى الله عليه وسلم إماما وقائدا وقدوة ، وبالتالي ينشأ الولدُ على أوامر الله فيُرَوضُ على امتثالِها وعلى اجتناب نواهيه ، وحين يتفهمُ الولدُ منذ ُ نعومة أظفارِه أحكامَ الحلال ِ والحرام ويرتبطُ منذ صغرِه بأحكام الشريعة فبالتالي لا يعرفُ إلا الإسلام ومبادئَه وعادتِه. فما أجدرَ  الآباء والأمهات أن يربوا أبناءهم على هذه الأسس ويسلكوا معهم هذه الوسائلَ ليضمنوا سلامةَ عقيدتِهم من الزيغ والانحراف .
وينشأ ناشئ الفتيان فينا  //   على ما كان عوده أبوه
قد ينفع الأدبُ الأولادَ في صغر// وليس ينفعهم من بعده أدبُ
إن الغصونَ إذا عَدَّلتَها أعتدلت // ولا تلين ولو ليّنتَه الخشبُ 
قال صلى الله عليه وسلم: ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانُه أو ينصرانه أو يمجسانه ) رواه مسلم . ولكن إذا كان الخللُ عندنا نحن الكبار نحن الآباءُ نحن المربون فهذه والله هي الكارثة الكبر والمعضلة العظمى ( متى يستقيم الظل والعود أعوج )
وليس النبتُ ينبت في جنان   كمِثْل النبتِ ينبتُ في الفلاةِ
وهل يرجى لأطفالٍ كمالٍ   إذا ارتضعوا ثديَ الناقصات ِ

السبب الثاني : ضعفُ الوازع الديني لدى الأبناء والشباب 

 وهذا أمر بدهي ولازم عند فقدان التربية الإيمانية منذ الصغر فإذا تُرك الولدُ من غير توجيهٍ وتربية ومراقبة حثيثة في البيت فلس إلا تربيةُ الشارع ولا شك أنه في هذه الحالة سيرضعُ لبنَ الفسادِ ويتربى على أسوأِ الأخلاق ويتلقى مبادئَ الكَفرةِ والفُسّاق وسرعانَ ما سيتحولُ الوازعُ الديني إلى بيتٍ خرب وعند إذ يتسعُ الخرقُ على الراقع ويَصعبُ ردِه إلى جادة الصواب والى سبيلِ الإيمان والهدى . إذا علِمت هذا فلا تستهجن من بعض الآباء وهم يشكون إليك أبناءهم . 

السبب الثالث : وسائلُ الإعلام 

وخاصةً التلفاز ذلك اللص الذي اقتحم كل البيوت ؛ فهو المسؤولُ الأولُ عن نقل أخلاق وعادات ومشاكل البيئات المنحرفة الشاذة إلى  بيئات المشاهد النظيفة الطاهرة ، ويزيد الطينَ بِلة والأمرَ علة أننا نعيش عصرَ الجنون الإعلامي بوسائله وتعاري الجنس والشهوة وأفلام العشق والحب والغرام . فبعد الانفتاح الإعلامي ودخول الستلايت أصبحت كلمات الحب والغرام والعشق بل ومُشَاهدة صوره الحية تغزونا من كل جهة ، ناهيك عن العادات الاجتماعية الخاطئة التي ينادون بها : كإباحة الاختلاط و الزيارات العائلية المختلطة أو الأفكار الهدامة التي بغيتها خرق العقيدة الإسلامية فتفتحت الأبصار وتفتقت الأذهان عن طريق هذه الوسائل الهدامة . والإنسان بفطرته مُولَعٌ بتقليد غيره خاصة إذا ظهر غيرُه  بصورة محببة وجذابة للنفس البشرية .
فكل منصف يقول : إن التلفاز ملئ بالمحذورات الشرعية والمواضيع المسممة لعقول الشباب والشابات ؛ فأفسد عليهم دينهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .

السبب الرابع  انتشار الخلويات في أوساط الشباب والشابات 

 أتساءل دائما سؤالا لا أجد له جوابا لماذا يحمل طلبتا في المراحل الثانوية والأساسية الخلويات وما هي حاجتهم إلى ذلك ومن الذي يسمح لهم بذلك ومن الذي يشتري لهم هذه الأجهزة التي يصل ثمنُ بعضِها 250دينار .
لقد تم ضبطُ  كثيرٍ من الطلبة بل قل عددٍ هائلٍ من الطلبة في المرحلة الثانوية والإعدادية لهم علاقاتُ حب وغرام مع طالبات في نقس العمر  وذلك بعد مصادرةِ التلفونات الخلوية التي يمتلكونها ويستعملونها داخلَ أسوارِ المدارسِ ، ولقد ضُبطتْ مكالماتُ حب وعشق وغراكم  مسجلة ً للذكرى على
نفس الأجهزة بل وصورُ العشيقةِ أيضا في بعض الحالات.إن هناك احصائيات للسلوكات اللاأخلاقية وللعلاقات الغير شرعية والمحرمة في بعض مدارس البنات ليشيب منها الرضيع وليبكي منها الصادق الغيور    هذا على نطاق مدارسنا أما إذا عرجنا إلى جامعاتنا فعجب عجاب لو ترى عيناك . فهذه مسؤلية من ؟  أين الآباء والأمهات أين واجبنا تجاه ابنائنا أين التوجيه أين المراقبة أين المحاسبة .

السبب الخامس:الرفقةُ السيئة  

 فالإنسان مولع بمحاكاة من حولَه شديد التأثر بمن يصاحبه ، وقد قيل الصاحب ساحب،وقل لي من تصاحب أقول لك من أنت
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهــم // ولا تصحب الأردى فتردى مع الــردي
 عن المرء لا تسأل وسل عن قرينـه // فكل قرين بالمُقَارِن ِ يقتـــــــــــــدي





فالصحبة السيئة تحسن القبيح وتقبح الحسن ، وتجر المرء إلى الرذيلة وتبعده عن كل خير وفضيلة 
ولا تصحب أخا السـوء وإياك وإياه  // فكم من جاهل أردى حكيما حين آخــــاه
 


فلا خير في صحبة الأشرار ولا نفع يرجى من ورائهم؛إذ كيف ينفعوا غيرهم وهم لم ينفعوا أنفسهم؟!. 
قد هيؤوك لأمر لو فطنتَ لــه //فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل




أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه  
 ( الخطبة الثانية ) 

 اعلموا أيها المسلمون أن للأمة الإسلامية كيانَها المستقل وشخصيتَها المميزة وثوابتَها النبيلة وتاريخها العميق وتراثها الإسلامي الأصيل التي يجب علينا أن لا نتخلى عنه مهما لاقينا من ضغوطات ومهما تعرضنا للشهوات ومهما رأينا من مغريات . إنه لا يمكن لنا البقاء برفعة ومهابة وكرامة بين الأمم إلا إذا بقينا متمسكين بمبادئنا الإسلامية العظيمة مطبقين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مذعنين لأوامر رب العالمين .
أيها المسلمون قيمتنا تكمن في ديننا . كيف كان المسلمون قبل الإسلام ؟ كانوا أعرابا مشردين وقبائلَ مفرقة متناحرة فيما بينها لا قيمةَ لها ولا اعتبارَ لها بين الأمم الأخرى  ولكن لما جاء محمد صلى الله عليه وسلمبالإسلام  هدى الله على يديه قلوبا غلفا وعيونا عميا وآذانا صما فتحول هؤلاء الأعراب والموالي والرقيق من أناس فقراءَ مستضعفين إلى كتائب تزلزل الدنيا بلا اله إلا الله
واصبح عابد الأصنام قِدْما //حماةَ البيت والركن ِ اليماني
يدخل رِبْعِيّ بن عامر على رستم زعم ِ الفرس يسير على فرسه بثوبه الخَلِق يتوكأ على رمحه يزج النمارق والبسط فما ترك لهم بساطا إلا أفسده وتركه مخرقا فلما دنا من رستم  جلس على الأرض وركز رمحه بالبسط فقالوا ما حملك على هذا قال ( إنا لا نستحب القعود على زينتكم هذه ) فقال له رستم : ما جاء بكم ؟ قال : (الله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن   جور الأديان  إلى عدل الإسلام ...) تاريخ الطبري 2/401إن الأمة الاسلامية لا تقوم لها قائمة ولن يقومَ لها قائمة إلا إذا رجعوا   إلى دينهم وألتزموا بسنة نبيهم محمد e  وما ضل الضالون وما انحرف المنحرفون وما كفر الكافرون وما أشرك المشركون إلا بعد ابتعادهم عن أوامر بارئهم و توجيه أنبيائهم لذا قال صلى الله عليه وسلم : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله ) رواه مالك  في الموطأ وهو حسن . على هذا عاش سلفنا الصالح ، فأعزهم الله ، وفتح لهم البلاد وقلوب العباد ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها . نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ...........


08‏/02‏/2013

شروط الجمع بسبب المطر



موضوعنا لهذه اليوم المبارك سيدور حول جمع الصلاة بسبب المطر. هذه المسألة يقع الخلاف حولها في كل شتاء ، وترتفع الأصوات ، وتحصل المشاحنات ، ويفترق المصلون في المسجد الواحد فريقين منهم من يطلب الجمع ويسعى له بشدة وحدة ويحاول جادا أن يجبر الإمام عليه، ومنهم من يرفضه جملة وتفصيلا ويحاول أن يفهم الإمام أن الجمع محرم .
وفي الحقيقة هذه المسألة هي مسألة خلافية قديمة فإمام الأئمة وفقيه الفقهاء وصاحب أول مذهب فقهي صاحب الفطنة والذكاء والعقل والدهاء ، محاور الفلاسفة ، الإمام أبو حنيفة النعمان يمنع الجمع بسبب المطر في جميع الأحوال ويرى أن من جمع بسبب المطر فقد ارتكب محرما وإثما لأنه أخرج الصلاة عن وقتها الشرعي الذي حدده النبي e . هذا رأي أبي حنيفة ومذهبه وكما قيل (الناس عيال على أبي حنيفة) يجيز أبو حنيفة النعمان الجمع الصوري وهو : تأخير الصلاة الأولى لآخر وقتها وتعجيل الثانية لأول وقتها هذا أقصى ما يراه رحمه الله. وهو نفسه رحمه الله الوحيد الذي يرى جواز إخراج زكاة الفطر مالا !!!! . وبعض الناس في المسألة الأولى يرمون رأيه عرض الحائض وفي المسألة الثانية يأخذون برأيه مع أنه مخالف لجمهور الفقهاء في ذلك . 

هذا فريق ، وفريق آخر: أجاز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء دون الظهر والعصر. وهذا هو مذهب الحنابلة الذي عليه عامة علماء البلد الحرام في الوقت الحاضر ، حيث يقولون الجمع بين الظهر والعصر حرام، ولا تقبل صلاة العصر، وإنما الجمع بين المغرب والعشاء فقط؛ لأن في وقتهما تحصل المشقة في ظلمة الليل ولا يرون ذلك في الظهر و العصر .
وهناك فريق ثالث : يجيز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إذا وجد السبب الشرعي. وهذا القول أصح  الأقوال وأرجحها عندي والله أعلم ؛ لأنه ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس t أنه قال: (جمع النبي e بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر) .
وهناك فريق رابع لا يجيزون جمع العصر مع صلاة الجمعة ، بل يحرمون ذلك تحريما قطعيا ؛ لأن الجمعة ليست من جنس العصر ، ولم ينقل عن النبي e أن جمع العصر مع الجمعة . وقد تحدى العلامة ابن عثيمين  أن يأتي أحدٌ بحديث صحيح أو ضعيف أن الرسول e جمع بين العصر والجمعة .
ومن أباح الجمع بسبب المطر اشترط له شرطا مهما ألآ وهو(المشقة) المشقة التي يسببها المطر ، أما من غير مشقة ولو بنزول المطر فيُمنع الجمع بل يحرم لأن في هذه الحالة تصلى الصلاة في غير وقتها من غير سبب وهذا حرام وهو من كبائر الذنوب - كما نقل ابن تيمية عن عمر t - وفيه تجرؤ على حدود الله . وقد عد العلامة ابن اعثيمين إقامة الصلاة قبل وقتها أعظم من الزنا وشرب الخمر يقول رحمه الله : (أما مجرد نقطة مطر أو بلل في الأرض والسماء واقفة فهذا لا يجوز، هذا تلاعب بدين الله، أن يقدم الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعي مثل من فعل أكبر كبيرة، مع أننا لو شاهدنا أحداً يزني أو يشرب الخمر أنكرنا عليه، الصلاة قبل وقتها بدون عذر شرعي أكبر من هذه .. لماذا؟ لأن إضاعة الصلاة ركن من أركان الإسلام، ليست هينة، المسألة ليست لعباً، وفقه الشرع ليس إلى المبتدئين في العلم، بل إلى العلماء الذين رسخوا في العلم، وعلموا موارد الشريعة ومقاصدها) انتهى كلامه .
 والمشقة حددها العلماء بأن يحصل مع المطر ما يمنع المصلي الوصول للمسجد أو يشق عليه الوصول شقا عظيما ذلك :
(كالمطر الشديد) الذي يبلل الثياب ويغرقها فيسبب معه مشقة فلا يصل إلا وقد اخترق الماء ثيابه ووصل إلى  جسده فبرده أو إذا  عصر ثيابه انعصرت ، أو كان المطر غزيرا نتج عنه وقف السير وإغلاق المتاجر وتعطيل المصالح .
فإذن : اشترط المجيزون للجمع أن يكون المطر مبللا للثياب وموجدا للمشقة ، يقول ابن اعثيمين رحمه الله :(وعند الشك هل هذا عذر يبيح الجمع أم لا؟ لا يجوز أن نجمع مع الشك, فالمطر -مثلاً- إذا كان ينزل ونرى أنه يبل الثياب, ومعنى يبل الثياب: أن الثوب يحتاج إلى عصر من هذا المطر, ليس مجرد أن تقع القطرة من الماء ثم يبتل الثوب, هذا ليس عذراً)
وقال رحمه الله في فتوى أخرى : (وقد قال العلماء رحمهم الله: لا يجوز الجمع للمطر، إلا لمطر يبل الثياب / وبَللها معناه: أنه لو عُصرت الثياب لخرج منها المطر، ليس مجرد النقطة والنقطتين، إلا لمطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة احترازاً مما لو جاء المطر في أيام الصيف، أيام الصيف يفرح الواحد إذا جاء ثوبَه ماءٌ يبرده، ما في مشقة، لكنهم قالوا: لا بد من مطر يبل الثياب، وتوجد معه مشقة) انتهى كلامه
وإما أن تحدث المشقة بالطريق بسبب المطر وهو ما يسميها الفقهاء(مشقة الطريق)  كأن يصبح هناك :
أ. برك ومستنقعات من الماء تحول دون وصول المصلين للمسجد.
ب. أو أن يسبب المطر (طينا شديدة ووحلا شديد وزَّلَقا) في الطريق يشق على المصلين السير فيها خوفا من الانزلاقات والتأذي الشديد.
ج. أو أن يسبب المطر سيولا في الأرض تجرف التربة والحجارة وتهدد البيوت وتعيق المارة و تشق عليهم الوصول للمسجد.



سؤل العلامة ابن عثيمين : ما هو ضابط المطر الذي يبيح جمع الصلاتين ؟
فأجاب : ما تحصل به المشقة ؛ إما لغزارته ما يسمى عندنا) الوبل) ، أو لحصول مستنقعات توجب المشقة في بلوغ المسجد ، أو يصحب بريح باردة . فمداره على المشقة . أما أن يكون خفيفاً ، ويجمعون لتوقع زيادته ، فلا . ومن جمع من غير مسوغ شرعي وجبت عليه إعادة الصلاة المجموعة ) انتهى كلامه.
فإذن: رخصة الجمع تدور مع المشقة وجودها وعدمها ، وأما بدون مشقة أو بمظنة المشقة فإنه لا يجوز الجمع .
لذا أدرج شيخ الإسلام ابن تيمية (الريح الشديدة الباردة القارصة في الليلة الظلماء) أدرجها ضمن المشقة المعتبرة؛إذ إن المشقة في الوصول إلى المسجد في مثل هذه الحال أعظم من المشقة في الوصول إلى المسجد بالمطر. [طيعا أيامه لم يكن هناك كهربتء في الطرقات].
و المشقة تدور مع جميع الأحكام ، فقد قرر الأصوليون (أن المشقة تجلب التيسير) لذا يجوز الجمع للمريض الذي يشق عليه أن يصلي كل صلاةٍ في وقتها، سواء كان ذلك لضعفٍ في البدن، أو لعدم استمساك البول أو الغائط أو الريح؛ لأن النبي e أجاز للمستحاضة أن تجمع؛ لأنها يشق عليها أن تتوضأ لكل صلاة، فكل من حَـدَثـُه دائم فإنه يجوز له أن يجمع لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة.
وينبغي أن تكون المشقة على معظم مصلي الحي لا على أفراد قلائل من الحي ، فلا عبرة بالرجل والرجلين والثلاث والأربع من جماعة المسجد، يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله : (لو كانت المشقة تكون لرجل أو رجلين أو ما أشبه ذلك دون بقية الجماعة فلا عبرة بهؤلاء، العبرة بالأكثر، وهؤلاء الأقل إذا كان يشق عليهم أن يحضروا إلى المسجد في الصلاة الثانية [بسبب كبر سنهم أو ضعف بدنهم فهم يتأذون من البرد المعهود] فلهم الرخصة أن يصلوا في بيوتهم، كما جاء في الحديث: (الصلاة في الرحال)).
ويقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله : (ومن الناس من تجده يجمع بدون مشقة، حتى لو نزلت نقط يسيرة من المطر جمع، وبعضهم إذا رأى السماء ملبدة بالغيوم جمع، وهذا أيضاً محرم ولا يحل، ومن جمع لغير عذرٍ فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، وسيتقلد آثام هؤلاء الذين صلوا قبل الوقت؛ لأن جمع الثانية للأولى معناه صلاتها قبل وقتها، وهذا حرام، إنما لابد من مشقة، إما من مطرٍ نازل يبل الثياب بحيث تتشرب الثياب المطر حتى تنعصر إذا عصرت، وإما بمشقة الطريق، وأما بدون مشقة فإنه لا يجوز؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] وقد بين النبي e أوقات هذه الصلوات، فلا يحل أن نتعدى حدود الله فنجمع بدون عذرٍ شرعي.
- ومن الناس من هو معتدل مستقيم إذا رأى المشقة جمع، وإذا لم يكن ثَمَّةَ مشقة لم يجمع، فهذا الذي هو على هدى مستقيم، وهو الناصح لنفسه ولمن وراءه من الجماعة.
لهذا يجب على طلبة العلم أن يبينوا للأئمة هذه المسألة بياناً واضحاً حتى لا يتجرأ أحدٌ على الجمع بدون عذر، ولا يتأخر أحدٌ عن الجمع إذا وجد عذراً) انتهى كلامه رحمه الله .
الخطبة الثانية
الواجب على كل مسلم أن يتحرى في عباداته كلها ما يوافق الشرع المطهر ، وأن يحذر ما يخالف ذلك . وأن يحرص أن يصلي الصلوات في أوقاتها ، لذا تجد كثيرا من الأئمة الموفقين لا يتسرعون في الجمع بل أحيانا يضطرون أن يعرضوا هذا الموضوع على من هو أعلم منهم حتى لا يقعوا في الإثم ويتحملوا خطايا وآثام من يصلون خلفهم ؛ فالمسألة جد خطيرة فها بعضهم يعرض الأمر على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية حيث يسألها السؤال التالي : (إننا في منطقة الباحة في هذا الوقت يكثر الضباب الكثيف الذي قد يحجب الرؤية أحيانا وهناك أمطار على فترات وبرد شديد ولا نعرف هل يجوز لنا أن نجمع الصلاة في هذه الظروف؟ نرجو من سماحتكم إفادتنا في هذا الأمر والله يرعاكم ويحفظكم.(26/7 المجموعة الثانية)
ج: يجوز الجمع بين المغرب والعشاء إذا كان هناك مطر نازل يبل الثياب أو وحل يصعب على المصلين الوصول معه إلى المسجد دفعا للحرج عن المصلين وأما الضباب فليس عذرا في إباحة الجمع.... [تكملة من(مجموع الفتاوى 22 / 30 - 31) لنفس اللجنة ] ...... والذين يسارعون إلى الجمع لمجرد وجود غيم أو مطر خفيف لا يحصل منه مشقة ، أو لحصول مطر سابق لم ينتج عنه وحل في الطرق ، فإنهم قد أخطأوا خطأ كبيرا ، ولا تصح منهم الصلاة التي جمعوها إلى ما قبلها ؛ لأنهم جمعوا من غير عذر ، وصلوا الصلاة قبل دخول وقتها). اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءعضو: عبدالعزيز آل الشيخ عضو: صالح الفوزان الرئيس : عبدالعزيز بن عبد الله بن باز
وطُرح على العلامة ابن عثيمين سؤالا من أحد الأئمة أثناء  اللقاء الشهري الذي كان يعقده رحمه الله ، وهذا نص السؤال: (فضيلة الشيخ : الإنسان يخشى من الإثم وخاصة الأئمة، يخشى الإمام من الإثم في الجمع إذا جمع؛ لأنه يخاف ألا يكون فعله مسوغاً للجمع، ويخاف من الإثم إذا ترك الجمع؛ لأنه يخاف من تشديده على من وراءه وتأثيره عليهم وخصوصاً وقد ورد: من ولي من أمر أمة النبي eشيئاً فشدد عليهم أن يشدد الله عليه، فماذا يفعل وأيهما أحوط الجمع أم عدمه؟ )
فأجاب رحمه الله : ( ..... إذا تردد بين الجمع وعدمه لعدم اتضاح السبب المسوغ؛ فإن الأصل ألا يجمع؛ لأن الجمع يحتاج إلى ثبوت السبب، فإذا لم يثبت فإن الأصل عدم الجمع فلا يجمع، ولكن إذا لم يجمع ثم انصرف الناس من الصلاة إلى بيوتهم ثم حدث مطر يؤذي فللناس أن يصلوا في البيوت ويكتب لهم الأجر كاملاً؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً). إذاً: الواقع أنه قد يتيقن المشقة، أو يتيقن عدم المشقة، أو يغلب على ظنه المشقة، أو يغلب على ظنه عدم المشقة، أو يتردد / فمتى يكون الجمع؟ يكون الجمع إذا تيقن المشقة أو ترجح عنده وجود المشقة، أما إذا علم أن لا مشقة أو ترجح عنده أن لا مشقة أو شك فلا يجمع.
 

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا