أخذ قرض من البنك الربوي لبناء مسجد ومدرسة إسلامية

أخذ قرض من البنك الربوي لبناء مسجد ومدرسة إسلامية

ورد إلى شبكة المنهاج الإسلامية سؤال من أخوة مغتربين في الولايات المتحدة الامريكية - بنسلفانيا وقعوا في استعمال قرض ربوي في بناء مسجد ومدرسة اسلامية ويستفسرون ماذا نفعل الان؟

نقتطف منها جزءا -ما يهمنا عرضه-  كونه قد يتشابه كثيرا في ذات الفعل في بلاد الغرب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

شيخنا الفاضل الموضوع قد يكون طويلا لكن للضرورة الملحة ولأهميته لمجتمع مسلم مغترب، كان لابد لنا من التفصيل لنعطيكم صورة واضحة فنأمل منكم اعطاءنا بعض وقتكم مشكورين ، حيث ابتدأ أحد الاخوة الدعاة بتعليم أبناءه وأبناء بعض الاسر المسلمة  الامور الدينية بجانب تدريس وتحفيظ القرآن واللغة العربية وبسبب اعجاب الاخوة المسلمين بالنتائج وما توصل اليه ابناءهم وبسبب حاجة الاسر المسلمة  لتعليم أبنائها الدين والقرآن أصبح كل من يعرف بوجود هذا المعلم  يحضر أبناءه حتى أصبحوا كثر وضاق عليهم البيت  فاقترح عليه بعض الاخوة باستئجار مكان واسع ليتمكن الجميع من احضار ابناءه

و كان  كخلية نحل دائم النشاطات (حلقات ذكر ,دروس تجويد, حلقات تفسير,  صلوات التراويح  الافطار الجماعي) الى جانب المدرسة التي تعلم الاطفال والكبار اللغة العربية والقرآن فكان بذلك المكان الوحيد والمنفرد بهذه النشاطات    وزد على ذلك تعليم اللغة العربية لغيرالمسلمين  وعلى امتداد سنوات خمس .

بدأت الاعداد تتزايد لدرجة ان بعض العائلات رحلت من مدن اخرى لتتواجد بجانب هذا المركز حتى ضاق بالناس والمصلين خاصة في صلاة الجمعة 

فالحاجة ملحة ووضعنا لايحتمل فبات كل منهم يتبرع ويجود بما عنده وقمنا بمشاريع وحفلات تبرع  حتى اجتمع لدينا مبلغ من المال 100 الف أو يزيد لكنها لم تكن كافية
فاجتمع الاخوة وأهل الشورى  فكان الاقتراح ان نستقرض من البنك لنتمكن من شراء الارض بعد رفض الشركتان الماليتان الإسلاميتان اللتين التجأنا اليهما إقراضنا لأسباب مختلفة ومنها أننا مؤسسة غير ربحية غير مضمونة الدخل أو بحاجة إلى عدة كفلاء أوأن يرهن عدد من المسلمين بيوتهم لدى  واحدة من  تلك الشركتان ليحصلوا على المبلغ المطلوب.  فتم التصويت  وكانت الاغلبية تصوت لصالح الاستقراض لعلم الجميع بشدة حاجتنا لمكان يكون خاص بنا 

 
 

وقامت ادارة الشبكة بعرض السؤال على فضيلة شيخنا الدكتور انس العمايرة حفظه الله ونفع به الاسلام والمسلمين فاجاب مأجورا مشكورا:

الجواب:

الحمد لله، الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، والصلاة والسلام على رسول الهدى ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

جوابا ً لما عرض علينا من أسئلة الإخوة القائمين على "معهد ....." في الولايات المتحدة الأمريكية أقول وبالله التوفيق :

أولا : لا شك ولا ريب أن الإدارة لما قررت شراء الأرض القائم عليه المعهد حاليا عن طريق البنك الربوي قد أخطأت خطأ شديدا ، وارتكبت إثما،  بالغا وتلبست معصية شنعاء ، لكن الحمد لله فقد صرح الإخوة في سؤالهم أنهم لم يستبيحوا الربا ولم يحللوه ، بل يؤمنون بأنه محرم ، لذا فهم بحاجة إلى توبة نصوحة ؛ لأن الغاية مهما كانت لا تبرر الوسيلة كما هو مقرر .

ثانيا ً : أما الإخوان اللذان تركا المعهد وانشقا عنه ، فأحيي فيهم رفضهم التعامل مع البنوك الربوية ، كما أحيي فيهم حرصهم على أن ينشأ المعهد كله أرضه وبناؤه من المال الحلال .

إلا أنني ألومهم لوما شديدا صدَهم الناس وطلبة العلم على الإقبال إليه والنهل من علوم الشريعة .
كما لا ينبغي لهم أن يقنعوا الناس بمقاطعة المسجد القائم مع المعهد وعدم الصلاة فيه لأن أرضه اشتريت بقرض من بنك ربوي.

أما المعصية الكبرى والمصيبة العظمى أن يتحول هؤلاء الأخوان مدرسا أحكام التلاوة والتجويد إلى حزب معادٍ لهذا المعهد وإخوتهم القائمين عليه الذَين كانا بالأمس القريب جسدا واحداً معهم !!!

وليعلم الإخوة جميعا -هدانا الله وإياهم – أنه إذا كانت الخمر أم الخبائث فإن التفرق أبو الرزايا والبلايا والمصائب ، وإن لم يكن من ثمار التفرق إلا الفشل : لكفى به شرا عظيما ؛ قال تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

فالفشل وضعف القوى وقلة البركة أمور ملازمة للتنازع والاختلاف والتفرق ؛ لذا حذّر الرب جل في علاه من التفرق والاختلاف فقال : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ )

بل نهى عن التفرق فقال : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105)
( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ *مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (الروم:31- 32)
وأمر بالاعتصام فقال : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (آل عمران:103)
لذا على هؤلاء المذكورَين عدم الانقطاع عن المعهد المذكور وعدم الانشقاق عنه ، خاصة إذا كان المعهد بحاجة لهما ولعلمهما

وعليهما أيضا عدم الخصومة والتلاسن مع إخوتهم فيه .

بل عليهما أن يعينا اخوتهم في المعهد المذكور ويتعاونا معهم بالبر والتقوى ، وفي نشر القرآن والسنة المطهرة الشريفة الصحيحة وفهم سلف هذه الأمة .

وفي نفس الوقت أن ينكرا قرار إدارة المركز وليعلما أن الإثم في ذلك واقع على من وافق عليه وقرره ونفذه وهم منه براء .

أما عن سؤالهم : (وماذا نفعل بالمسجد والمدرسة) ؟؟

فأقول فليبقيا علمين من أعلام الإسلام والعلم الشرعي يرفرف في بلاد الإلحاد ، وليستمروا في التعليم والتدريس الشرعي وليتوبوا لربهم من فعلتهم .

هذا وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الدكتور أنس العمايرة
دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن
الأردن - عَمان 

التاريخ:25 ذو الحجة 1432هـ الموافق :21/11/2011م

الشيخ الدكتور أنــس الـعـمـايـرة

موضوع الفتوى: الربا وبناء المساجد.   فتوى رقم : ع ش11 /135/2011

 

هل اعجبك هذا الموضوع ؟	أحدث ملخصات RSS تابعني عبر الفيس بوك تابعني على تويتر اشترك عبر البريد الالكتروني

التصنيف : الفتاوى الشرعية