02‏/11‏/2012

أسس اختيار الزوجة على ضوء السنة النبوية المطهرة

 
أسس اختيار الزوجة على ضوء السنة النبوية المطهرة


 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[أل عمران : 102] ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب : 70-71]ثم أما بعد :
لا شك أن الشاب والشابة عندما يبلغا مرحلة الزواج يضع الواحد منهم شروطا وصفات لقرينه في المستقبل ، وتختلف نظرتهما إلى تلك الصفات باختلاف التربية التي نشأ عليها كل منهما ، وباختلاف نظرتهما إلى هذه الحياة الجديدة . حيث نجد بعضا من الناس يهبط في نظرته ودوافعه إلى مستوى لا يرقى إلى معنى الإنسانية ، فيجعل الهدف محصورا في المتعة الجسدية واللذة الجنسية التي يشاركه فيها الحيوانات ، بينما نجد الإسلام لا يقر بذلك ؛ لأنه يهدف من وراء الزواج : عقد رابطة روحية سامية فاضلة تنتظم كل متطلبات الانسان بشقيه وجانبيه المادي والروحي . ونوجه الشباب والشابات هنا الى الأسس الإسلامية التي ينبغي أن يراعوها عند اختيار شريك العمر . ونبدأ بالصفات التي يجب توافرها في الزوجة ؛ لأن المرأة هي أساس البيت ومربية الأجيال وناشئة الأمة :
أولاً : أن تكون ذات دين
يجب أن يقوم اختيار المرأة على أساس الدين أولا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها . فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك)[رواه البخاري برقم: 4802، ومسلم برقم:1466]يبيّن صلى الله عليه وسلم في الحديث الأهداف الرئيسية التي يقصد من ورائها الزواج عند عامة الناس ، فمن كان عنده نزعة لحب المال كانت نظرته مادية ، فيبحث عن صاحبة المال ؛ ليصبح من أصحاب رؤوس الأموال .
ومن كان من اتباع أبي جهل بحث عن الحسب ؛ وقلد الجاهليين الذين يقسمون المجتمع إلى طبقات ويبحثون عن الحسب والنسب ولا يلتفتون إلى الدين ؛ لأنهم لا يؤمنون بقول الله تعالى : )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات : 13 ] .
ومن كان من أصحاب الشهوة الهابطة بحث عن الجمال فقط .
ومن كان من المؤمنين الأتقياء بحث عن الدين ، فإذا أراد أن يتزوج سأل عن صلاة الفتاة وصيامها ولباسها وخشوعها وبكائها وقيامها الليل وحفظها للقرآن ..... . ولقد فضل النبي صلى الله عليه وسلم صاحبة الدين على غيرها عندما قال :(فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك) أي : إذا لم تأخذ ذات الدين لم تجد في يديك سوى التراب بعد العمل الطويل والسعي الكادح ، أو التصقت يداك بالتراب من ثقل الخير الذي حزته بزواجك صاحبة الدين .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) [رواه مسلم برقم : 1467 وغيره ].
ومن أسباب التزام الفتاة وتدينها : التزام ُ أهلِها ، فإذا كانت من بيئة كريمة وأسرة صالحة معروفة بالتدين والالتزام والبعد عن الانحرافات السلوكية والنفسية فغالبا ما تكون الفتاة صالحة ؛ لأن الأصل يتفرع عنه الفرع ، وبما أنها تربت في أحضان هذه الأسرة فهي فرع منها والفرع يحن إلى الأصل دوماً :
على ما كان عوده أبوه = وينشأ ناشئ الفتيان فينا
فالناس معادن كمعادن الفضة و الذهب ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا [رواه مسلم برقم : 2638].
وإن كانت الأسرة غير صالح نبتت الفتاة منبت سوء .
فالمال والحسب والجمال وإن كانت من متطلبات الزواج إلا أنه لا يصلح أن يكون أساسا لهذه العلاقة المتينة ؛ إذ لا بد من شيء أقوى من شهوة المال والحسب والجمال وإلا انهارت هذه الصلة ، فالمرأة ذات الجمال من غير دين امرأة مغرورة ، وذات المال من غير دين امرأة طاغية ، وذات الجاه والحسب من غير دين امرأة متكبرة ، أما ذات الدين فهي خلوقة متواضعة مطيعة . فإذا استطاع الشاب أن يتزوج بذات الدين والجمال والمال والحسب فنور على نور .
واعلم أن اختيار المرأة على أساس غير أساس الدين غالبا ما يؤدي إلى انقلاب الحياة الزوجية انقلابا سيئا . فإن كانت الحياة الزوجية قائمة على المال ثم ذهب المال تعكرت صفوة الحياة الزوجية . وإن كانت قائمة على الجمال وتشوه الجمال تعكرت صفوة الحياة الزوجية ؟ وإن كانت قائمة على الجاه وتغير الحال تعكرت صفوة الحياة الزوجية ؟!أما إذا كانت الحياة الزوجية قائمة على أساس الدين فإن الدين عقيدة قوية راسخ لا تتزحزح ولا تتفتت إن شاء الله . لذا قيل : من تزوج المرأة لمالها أورثه الله فقرها ، ومن تزوجها لجمالها أورثه الله قبحها ، ومن تزوجها لحسبها أورثه الله مذلتها ، ومن تزوجها لدينها أورثه الله بركتها . وقيل : لا تزوجوا النساء لمالهن فعسى مالهن يطغيهن ، ولا تزوجوا النساء لجمالهن فعسى جمالهن أ ن يرديهن .
ثانياً : تفضيل الفتاة الودود
فأساس السعادة في الأسرة هي : المرأة ؛ حيث أنها تصنع من البيت جنة في الدنيا ، وذلك إذا كانت متصفة بالود والتحبب إلى زوجها . أما إذا اتصفت بالمزاج النكد ، والنفسية المتعكرة ، والعبوس ، والتبرم ، وانطواء الشخصية ، فإن ذلك كله من شأنه أن يخلق جوا مليئا بالشحناء والبغضاء ؛ لذا قال صلى الله عليه وسلم لجابر:(هلا جارية ؛ تلاعبها وتلاعبك ، وتضاحكها وتضاحكك)[رواه البخاري برقم : 5052 ، ومسلم برقم : 715] فجعل الملاعبة والمضاحكة ليس من الزوج فقط بل من الزوجة أيضا.
وقد جعل صلى الله عليه وسلم جزاء المرأة الودود:الجنة ، حيث قال:(.... ونساؤكم من أهل الجنة : الودود "أي : المتحببة إلى زوجها" الولود "أي : كثيرة الولادة" .....) [سلسة الأحاديث الصحيحة رقم : 287] وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة من السعادة و ثلاثة من الشقاء فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك..... و من الشقاء : المرأة تراها فتسوؤك......)[كشف الخفاء برقم:1047، والترغيب والترهيب برقم:2949، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير:3056] و عن أبي هريرة قال قيل : يا رسول الله أي النساء خير ؟ قال : ( التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره ) [رواه النسائي برقم : 3231 وغيره ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم : 3298 ، وهو في سلسة الأحاديث الصحيحة برقم : 1838]وفي رواية أخرى عن عبد الله بن سلام عنه صلى الله عليه وسلم : ( خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و تحفظ غيبتك في نفسها و مالك)[صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم : 3299] والإعجاب والسرور في الأحاديث الثلاثة الأخيرة له معاني كثيرة منها : الابتسامة والكلمة فضلا عن الجمال .
ثالثاً : تفضيل الفتاة الولود
عن معقل بن يسار قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأةً ذات حسب وجمال ، وإنها لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : " لا " ثم أتاه الثانية فنهاه ، ثم أتاه الثالثة فقال: ( تزوجوا الودود الولود فإِنِّي مكاثرٌ بكم الأمم ) [أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم قال عنه الألباني في صحيح سنن أبي داود: (حسن صحيح ) برقم :2050]ومعنى الولود: ( كثيرة الولادة)ويعرف ذلك : بسلامة بدنها وبالنظر إلى نسل أمها وأخواتها وخالاتها ..... .
وفي ذلك تكثير لبياض المسلمين ، ومضاعفة هذه الأمة المحمدية وسبب في عزتها . وليس كما يتصور بعض الجهلة أن كثرة الأمة سبب لفقرها وجوعها ومؤدي إلى ما يسمونه "التفجير السكاني"! والله يقول:(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا)[هود : 6].
رابعاً : تفضيل ذوي الأبكار
ويفضل أن يختار الشاب الفتاة غير المتزوجة من قبل ؛ لما في ذلك من إعطائه حقه بشكل وافٍ . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير)[أخرجه ابن ماجة في سننه برقم :1861 ، وحسنه الألباني في الصحيحة برقم : 623] وعن جابر بن عبد الله قال:( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أتزوجت؟" قلت:نعم ، قال:" بكرا أم ثيبا؟ " فقلت:ثيبا،قال:" أفلا بكرا تلاعبها وتلاعبك" ؟)[رواه البخاري برقم:5052، ومسلم برقم:715].

خامساً: تفضيل من تخلوا أسرتها من الأمراض المعدية

كالجنون والصرع والسكري والسرطان ..... لحديث عائشة الذي فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تخيروا لنطفكم , أنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم )[أخرجه ابن ماجة في النكاح وحسنه الألباني في الصحيحة برقم : 1968].

سادساً : الجمال النسبي
لا يقصد الجمال لذاته ، وإنما إن كانت ملتزمة ومتدينة وجميلة فهو خير وبركة فعن أبي هريرة قال:( كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أنظرت إليها قال : لا. قال:(فاذهب فانظر إليها ، فإن في أعين الأنصار شيئا " ) [رواه مسلم برقم : 1424 وغيره ]
و قال صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) [سنن أبي داود برقم : 2082، وأحمد برقم 14626 ، والمستدرك على الصحيحين برقم : 2696 وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وغيرهم]
وعن أبي هريرة قال قيل:يا رسول الله أي النساء خير قال:(التي تسره إذا نظر.....)[رواه النسائي برقم : 3231 ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم : 3298 ، وهو في سلسة الأحاديث الصحيحة برقم : 1838]
وفي رواية لعبد الله بن سلام عنه صلى الله عليه وسلم:( خير النساء من تسرك إذا أبصرت .....)[صحيح الجامع الصغير برقم : 3299]
وقال صلى الله عليه وسلم:(ثلاثة منالسعادة و ثلاثة ، من الشقاء فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ..... و من الشقاء : المرأة تراها فتسوؤك ........) [كشف الخفاء برقم : 1047 ، والترغيب والترهيب برقم : 2949 ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم : 3056] ولا شك أنه يدخل في معنى (تسرك وتعجبك) :الجمال البدني المتمثل بالوجه .
هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إرسال تعليق

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا