03‏/11‏/2012

الرد اللائق على ما قاله عبدالرحمن عبدالخالق

الرد اللائق على ما قاله عبدالرحمن عبدالخالق

 
ورد إلينا عبر بريد الشبكة كلامٌ للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق اورده احد الاخوة مما نشر على لسانه في جريدة الوطن الكويتية يستفسر فيه عن فحوى هذا الكلام ومدى مطابقته للمنهج السلفي، ونحن في -ادارة شبكة المنهاج الاسلامية- أحلنا هذا السؤال - لعظم وخطورة فحواه - إلى فضيلة شيخنا الدكتور أنس العمايرة حفظه الله ورعاه ليعرضه على ميزان التأصيل المنهجي، وقد أرسل لنا فضيلة الشيخ جوابه على النحو الآتي:

الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في حوار له مع جريدة الوطن
- كل أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشاداً وأن يترك للناس اتخاذ قراراتهم بالالتزام، أما أن تفرض النقاب أو الحجاب على جميع بنات ونساء مصر فهذا أمر غير مقبول لأنها قضية اختيارية في الأساس، وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُفرض أي شيء على المسلمين وإنما كان الله سبحانه وتعالى يوجه توجيها، ويرشد إرشادا{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين}، فهذا توجيه من الله لنبيه ولنساء المؤمنين حتى لا يتعرض لهن الفساق.
وهذا يعني أنه كان هناك فساق في المدينة يتعرضون للنساء في الشوارع، وأنه
كان هناك نساء غير ملتزمات بالحجاب في مدينة رسول الله، فجاءت الآية الكريمة لترشد الجميع إلى وسائل حماية أنفسهن من هذه المشكلة، ولم يكن هناك فرض للحجاب أو النقاب «وإنما توجيه ودعوة وإرشاد».
لم يفرض النبي صلى الله عليه وسلم أي شيء على الأمة، ولم نقرأ أنه ضرب أو أهان امرأة غير محجبة، ولذلك فالكلام على فرض الحجاب والنقاب عملية مقصود بها التخويف من المسلمين، وهذا ليس من أحكام الإسلام من الأساس، ولا يجوز فرض أي شيء على المسلمين.


وقد أرسل لنا فضيلة الشيخ جوابه على النحو الآتي:
الجواب:
أحمد ربي حمدا يوازي فضله ونعماءه ، وأشكره شكرا على أن بصرنا بدين الحق وجعلنا من اتباعه ، وأدعوه أن يجعلنا هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين .
 اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، اللهم اهدنا واهدي بنا واجعلنا سببا للهدى ولا تجعلنا سببا للضلال و الشقا ،  اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا. اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا. ربنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ثم أما بعد:

أحبتي بالله : لقد فوجئت مما كتبه (عبد الرحمن عبد الخالق) – كما وصلني في الرسالة- وأنا لا أعرف هذا الرجل من قبل ، ولست مطلعا على فكره ومنهجه ، ولا أعلم إن كان من أهل العلم الشرعي أم لا ، إلا أنه وصُف في الرسالة  بأنه (شيخ) ، على كل الأحوال نحن لا نشكك بنيته ولا يحق لنا أن نشكك بنية أحد ؛ لأنني لم أشقق على قلبه ، فنحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر، لذا أقول : إن كان قد صرح بما وصل إليّ وقرأت فقد أخطأ و أتى برأي العلمانيين ، الذين ينادون إلى فصل الدين عن الدولة ، فأدعو الله أن لا يكون من فروخهم ، كما أدعو الرحمن الرحيم  أن يهديه ويشرح صدره للحق . 

أما بالنسبة لما تطرق إليه ، فأجيب عليه كما يلي :
أولاً : قوله : (لم يفرض النبي صلى الله عليه وسلم أي شيء على الأمة ) .
فهذا مما يضحك الفقيه ويبكيه في آن واحد ، وهو كلام مردود على صاحبه كائنا من كان ، وهو دليل على جهل من تكلم به ، ونستطيع إسقاط كلامه بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة ولكن سأكتفي بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح الإمام  مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : (خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا ».
فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :
( لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ )
ثُمَّ قَالَ :
(ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَدَعُوهُ ).صحيح مسلم 4/ 102 برقم : (3321)

أما قوله : (وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُفرض أي شيء على المسلمين وإنما كان الله سبحانه وتعالى يوجه توجيها ويرشد إرشادا).
فإذا : ربنا لم يأمرنا قط !!!!! إنما كل ما في القرآن هي توجيهات وإرشادات غير إلزامية !!!!!! فأين هو من قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58). وقوله تعالى : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (لأعراف:29) !!!!!! .
عجيب قوله!!! ألم يقل الرب جل في علاه : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36)
فما معنى (قَضَى) في الآية ؟!!!
ومن الفاعل بعد هذا الفعل (قَضَى) ؟!!!
وما معنى : ( أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ؟!!!
وبماذا يكون العصيان الوارد في الآية: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ؟!!!
وما عقوبة العصيان وترك قضاء الله ورسوله – كما ورد في الآية ؟!!!


وقوله : (ولا يجوز فرض أي شيء على المسلمين) .
أقول : نعم ذلك في حالة أن المسألة الفقهية فيها خلاف معتبر عند العلماء المعتبرين شرعا ، ففي هذه الحالة لكل مجتهد أن يفتي بما ترجح له ، و العامي يأخذ ما اطمأن إليه قلبه ، وقد يكون من عوامل الاطمئنان اتباع الأعلم بالسنة ، أو الأتقى ، أو الأحوط ، أو صاحب الاختصاص أو…..... أما صاحب السلطة فعليه أن يترك الرأي للأعلم والأفضل ، أو لمصلحة عامةاللمسلمين من وحدة الصف ، أو تآلف القلوب، أو درءً لمفسدة كبيرة .

 ومن المناسب هنا أن أبين باختصار متى يكون الخلاف معتبرا في الفقه :
يكون الخلاف معتبرا ويعتد به ويقبل رأي المخالف ذلك إذا صدر ممن اتصف بثلاث صفات هي باختصار :
أ-  أهلية من صدر منه هذا الخلاف : ذلك بأن يكون من أهل الاجتهاد والنظر بتوفر شروط الاجتهاد فيه.
ب-  أن تكون أصوله صحيحة : أي : أصول دينه ، وأصول اعتقاده ، وأصول استنباطه ، على منهج أهل السنة والجماعة . لا علمانيا ولا شيعيا ولا خارجيا ولا مرجئا ولا راحلة للسلطان ............ إلخ .
 ج-  أن يكون مناط حكمه معتبرا : أي أن يكون الحكم الصادر منه أو الفتوى ، مناطاً بما هو معتبر عند أهل السنة والجماعة ، من الكتاب أو السنة أو الإجماع ، فلا يخالف المجتهد إجماعاً ، ولا نصاً قد اتُّفق على معناه ، وأن يكون اجتهاده مبنياً على أصول الفقه المعتبرة ، لا أن يكون الحكم والفتوى معلقة بالمصالح و النتائج ومناطه بالواقع ، و تتبع الرخص ، ودعوى رفع الحرج والتسهيل . وما شابه ذلك .

إذا توفرت هذه الشروط فيمن خالف في مسألة ما : قُبل منه هذا الخلاف ولا يعترض عليه بل وينكر بل (نصحح ولا نجرح) و يبقى هذا الخلاف في دائرة الخلاف المعتبر ، ما لم يظهر نص يحسم الخلاف بالاتفاق ، ومسألة خمار الوجه من هذا الباب -  .-ولعنا نخصصه بالشرح والتفصيل كمسألة خلافية فيما بعد - ووبالتالي تصح مقولته (ولا يجوز فرض أي شيء على المسلمين) حينئذ . إن كان قصده  (ولا يجوز فرض رأي من الآراء المعتبرة شرعا بعينه في المسألة الواحدة على جميع الشعب).

أما قوله : (وأن يترك للناس اتخاذ قراراتهم بلا التزام) فهذا مبدأ العلمانية بعينه ، وهو مرفوض والأدلة على رفضه كثيرة ، أكتفي بآيتين  وحديثين ؛ فيكفي ذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع :
أما الآيتان  فقوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (المائدة:78-79).

وأما الحديث 8 ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) سنن الترمذي : (4/ 468 ، برقم :  2169).
وأما الحديث الثاني فهو حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الوارد في صحيح البخاري أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ ؛ فَقَالُوا : لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا .
فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) صحيح البخاري ( 6/ 322 ، برقم : 2493)

 
أما قوله : (وإنما كان الله سبحانه وتعالى يوجه توجيها، ويرشد إرشادا {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين}، فهذا توجيه من الله لنبيه ولنساء المؤمنين حتى لا يتعرض لهن الفساق.
وهذا يعني أنه كان هناك فساق في المدينة يتعرضون للنساء في الشوارع، وأنه كان هناك نساء غير ملتزمات بالحجاب في مدينة رسول الله، فجاءت الآية الكريمة لترشد الجميع إلى وسائل حماية أنفسهن من هذه المشكلة، ولم يكن هناك فرض للحجاب أو النقاب «وإنما توجيه ودعوة وإرشاد»)

أقول : لا أريد أن ادخل في هذه المسألة الفقهية ؛ لأنها من الخلاف المعتبر عند الفقهاء فهو خلاف فهم واجتهاد ، ولكن وددت أن أناقش أصول هذا الرجل .
أما وإنا قد دخلنا معه هذه المداخلة فلا بأس أن نرد على كلامه هذا باختصار ، وإن كان معظمها الآن علمية أكثر من كونها منهجية تأصيلية . فقوله :
( فهذا توجيه من الله لنبيه ولنساء المؤمنين حتى لا يتعرض لهن الفساق).
 أقول : هذا التوجيه على وجه الإلزام ؛ لأنه جاء على صيغة الأمر(يدنين) والأمر يقتضي الوجوب عند الأصوليين ما لم توجد قرينة تصرفه عن ذلك.  
وقوله : (وهذا يعني أنه كان هناك فساق في المدينة يتعرضون للنساء في الشوارع) .
أقول : نعم وهم المنافقون فحسب ؛ إذ سياق الآيات كلها التي ضمنها هذه الآية تتحدث عن المنافقين فقبل الآية هذه بآيتين والحديث عن المنافقين قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب:57) ثم قال : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (الأحزاب:58) ثم قال : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59) ثم قال : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً) (الأحزاب:60) .

فالسياق كله – كما ترى - يتحدث عن المنافقين ، ولو أنه عاد لكتب التفسير لعلم ذلك ، وعليه إن قصد أن الصحابة هم الفساق أن يتوب ويستغفر فهو خير له. 

وقوله : (وأنه كان هناك نساء غير ملتزمات بالحجاب في مدينة رسول الله) 
أقول : هذا ادعاء باطل ؛ لأنه يلزم من قوله : (غير ملتزمات بالحجاب) أن بعضهن لم يكن يلبسن اللباس الشرعي ، أي كن بعض نساء الصحابة متبرجات !! ، وهذا خطأ ؛ لأن التوجيه في الآية يدل على وجوب الخمار المغطي للوجه ، لا على أصل الحجاب فتنبه؛ إذ إن المنافقين الفساق الذين في قلوبهم مرض كانوا   يتعرّضون للإماء، ولا يتعرّضون للحرائر، وكان بعض نساء المؤمنين يخرجن في زي ليس متميّزًا عن زي الإماء، فيتعرّض لهن أولئك الفساق بالأذى ظنًّا منهم أنهن إماء، فأمر اللَّه نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يتميّزن في زيهن عن زي الإماء، وذلك بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، والجلباب هو الملاءة أو العباءة تكون فوق الدرع السابغ الطويل، ومفهوم الآية : مُرْهُنَّ بأن يدنين طرف الملاءة على الوجه حتى لا يبقى إلا عين واحدة ترى بها الطريق، وبذلك يعرفن أنه حرائر عفيفات فلا يؤذيهن بالتعرض لهن أولئك المنافقون . وبالاجماع فإن تغطية الوجة واجة على أمهات المؤمنين ، ينظر : أضواء البيان 6/ 245 ، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير : 4/ 291  . فكيف تجرأ وقال : (ولذلك فالكلام على فرض الحجاب والنقاب عملية مقصود بها التخويف من المسلمين ، وهذا ليس من أحكام الإسلام من الأساس) !! .

ولا يفهم من الآية أنهن كن سافرات قبلها ؛ ودليل ذلك قوله تعالى  : (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْن) فلو لم يكن في المأمور به حجب للوجوه للبقين معروفات ، وبالتالي لم تحصل الحكمة المرادة ، فتنبه .


أما قوله : ( فجاءت الآية الكريمة لترشد الجميع إلى وسائل حماية أنفسهن من هذه المشكلة، ولم يكن هناك فرض للحجاب أو النقاب)
أقول : نعم قبل نزول الآية لم يكن خمار الوجه مفروضا لكن بعده أصبح واجبا على الراجح من قولي العلماء .
أما قوله : ( فجاءت الآية الكريمة لترشد الجميع إلى وسائل حماية أنفسهن من هذه المشكلة) .
أقول : عبارته هذه حجة عليه لا له ، فكيف يكون الخمار وسيلة من وسائل الحماية في عصر النبوة ، ولا تكون كذلك في مصر في عصر 2012 ؟!!!!!!!
فكأن حاله يقول : (نساء مصر في هذا الزمان يستطعن أن يحفظن أنفسهن خيرا من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومن بناته ومن الصحابيات الجليلات ) !!!!!! سبحانك هذا بهتان مبين . 

أقول : لو أن هذا الرجل - هداه الله وأصلح دينه نظر لأهل مصر نظرة مستقبلية مع شيء من فقه الواقع ودراسة حقيقة العولمة ومعرفة ما دخل على الأمة من وسائل إغرائية وتكنلوجيا محاربة لها . أقول لو علم ذلك كله لكفاه أن يوجب خمار الوجه فقط : درءً للمفاسد ؛ إذ إن :( درء المفاسد أولى من جلب المنافع ) .

وأخيرا : ادعو هذا الرجل أن يعيد النظر فيما قال ، ويتمعن بالأدلة ، وينظر مصلحة البلاد والعباد ، لعل الله جل جلاله أن يشرح صدره وينور بصيرته .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .  

 

التاريخ :23 صفر 1433 هـ

الموافق :17/1/2012م
الشيخ الدكتور
أنــس الـعـمـايـرة
 
موضوع الفتوى:تأصيلات منهجية.
فتوى رقم : ع ش1 /149/2012

إرسال تعليق

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا